أقبل سكان الريف كلا بمصباح لكي يضيئون العتمة بعد صوت الإغاثة الذي أحدثه النداء المتهالك من الأب (جاك ) إنها صيحات تستنجد البقاء عندما يكون الضعف لا يقوى على فعل شيء تجاه اللحظات القاتلة.

تناقل سكان الريف خبر وفاة ( وليم ) في الليل الحالك المبتل وعم الضجيج ، إنها طبيعة الأرياف حدائق غناء جميلة للأنس والاستجمام لا تزورها الفواجع إلا نادرا فالريف اليوم تغيرت طبيعته الكل في ذهول الفاجعة . حتى الحديث بات همساً ووشوشة بين الجموع على ضفاف النهر ، تحبسهم الحيرة أين يجدون ( وليم ) ، وكان هناك صوت قادم من الكوخ التفت الجميع نحوه كان فيه النحيب والأنين والألم والبكاء والتعب المتناثر شظاياه. دموع امتزجت بحبات المطر . تاهت الخطوة وبعدت المسافة في ظلمة الليل وذابت الحقيقة في سراب الأمل . إنها الزوجة ( هايدي ) أقبلت في هرولة تكسرت فيها حروف الشوق ولهفة البقاء ، كانت تشق الجموع نحو بقايا زوجها ( وليم ) والناس في صمت مهيب . كان السؤال حائراً يبحث عن الإجابات أين وليم بين الجموع ؟ ليس هناك رد فالنهر ذهب بكل الإجابات إلى حيث لا يعلم الآخرون ، لم يكن الصراخ يكفي ولم يكن البكاء يجدي لقد أذابها الخبر وأذبلتها الفاجعة كانت تقطر رحيق حبها ندما وتعبا وانكسارا.

في الفواجع يكون ضوء الأمل يشع داخل النفس ربما يكون الخبر كاذبا ، فتكون ردة الفعل لا يقبلها العقل سريعا إنها وميض لحظي ينطفئ أمام الحقيقة .

لقد سقط جدار الحب الذي كان يملأ الدنيا في هذا الكوخ الصغير ، وقفت على حافة النهر وردة منهكة ذابلة ازداد انكسارها حتى كادت أن ترمي بنفسها وأن تكون فاجعة أخرى لم تكن وحدها في لحظة العراك الداخلي هناك حراك ينبض في بطنها كأنه يرسل التنبيه بقايا من رحيل حب اندثر في نهر الأمطار .

حاولت أن تربط جأش الحزن بكتمان ، كان الهمس شعورا عالي الحس
إنه حلم الحياه إنه الابن ( هنري ) الذي كان ذات يوم خيالا و رسومات داخل الكوخ تفنن في ألوانه ( وليم) كان الحس مرهفا يرسل ذبذباته توقفي أيتها الحسناء الشامخ تعبها ، تحسست بطنها وهي تنوح حتى جثت على ركبتيها وهوت نحو الأرض فاقدة للوعي . إنها لحظات ذهاب العقل راحة للأجساد ورحمة في تقبل الكوارث حملوها إلى كوخها والأب (جاك ) أيضا حملوه ،
وهناك تعب آخر كان الكلب الصغير يطلق النباح ويهرول بين الجموع ويشتم روائح الأخبار من صوت العويل.

تفقد الحاضرين على أطراف النهر لم يكن الصديق ( وليم ) من ضمنهم ، وقف بجانب هايدي على حافة النهر وأطلق الكلب النباااح نداء في السماء إنه الأنين عندما تتفقد الجموع ولا تجد من تحب ومن تهوى وتعشق كل شيء في حياتك يمسي في ذبول إنها لحظات تصبح الحياة لا حياة. والأم ( إيلين ) تثير الصراخ عندما تجيش الأمومة. إنها لحظات يشيخ فيها التعب .

أقبل أخوه ( جون ) ولكن شعاع الفوانيس والمصابيح لايكفي لتتبع الأثر . انتظر السكان إلى شروق الشمس وكان البكاء يكتب قصائد الرثاء تحت هتون المطر لاح نور الصباح وكانت الضفادع نقيقها قد غفا بعد أن أذهلها الحضور والنحيب فكان صمتها جزءا من الحداد.

كان ( وليم ) جثةهامدة في نهاية النهر من بعد عراكه في النجاة ولكنها لحظات أبقته مطروحا على وجهه . كانت ملابسه متهالكة انتشله سكان الريف و كان شعاع الشمس قد سطع و الكل ينظر إلى جثة ( وليم ) أخذوه إلى كوخه كان يحمله أخوه (جون) وزوجته ( كاثي) والكلب الصغير قد سبقهم إلى الكوخ لقد أيقض بنباحه الحاد الأب (جاك ) وزوجته ( هايدي ) وضعوا جثته في وسط الكوخ وضمت زوجة اخيه ( كاثي ) زوجته (هايدي ) مواساة لها كأنها تعطي لها دفئا تحتاجه في هذه اللحظات والابن ( جون ) اتجه إلى أبيه ( جاك ) يواسي الحزن والألم والندم فيه لقد كان الدرس في النصيحة هذه نتائجه جثة في وسط الكوخ لا يحتاج إلى تفسير مواقف الحياة الحقيقية دروسًا تنحت حروفها بين الظلوع لا تنسى وتكون مواقف خالدة لكل الأرياف .

قامت الزوجة ( هايدي ) إلى زوجها ( وليم ) تخاطب فيه الذكريات تمسح على رأسه وتقبله تتأمل الحب لقد أصبح بدون حراك وضعت يديها على جل جسمه أرسل لها ذبذبات يقرأ اللمس بمعاني الاطمئنان إنها حروف برايل التي تكون معانيها ابجديات تترجمها الأنفاس لقد مات ( وليم )تحسست كل شيء فيه وضعت يديها في جيبه وجدت قصاصة من الورق قد بللها ماء النهر ولكنها محتفظة بحروفها كتبها قبل يوم من وفاته وضعتها في يديها كانت حروف تكمل الحياة بعد وفاته ، كانت كلمات تزيل التعب نحو الطريق والأمل كانت كلمات تصف الدنيا وسعادتها بقدوم الابن ( هنري ) إنه قطعة صغيرة تحمل ملامح الجمال وتضع الحب في سلة الطفولة كانت حروف الرسالة ان يكون (هنري ) ذات يوم طبيب الريف وان يكون ( هنري ) يحمل الورد لينثره بين الأطفال وفي عياداته ازهار يقدمها لمرضاه كانت حروفها خليطا بين ماضِِ و مستقبل قادم .

تنفست كثيرا وكانت الدموع بغزارة الحب ، لقد بدأ تجهيز ( وليم ) إلى نعشه الأخير تم وضعه في تابوت وحوله أكاليل الأزهار استعدادا لوداعه في مقبرة الريف تم تحديد موعد وداعه كان سكان الأرياف الأخرى حاضرين كان الوداع كبيرا تم كتابة اسمه وميلاده ووفاته وكان قبره بجانب جده لأبيه .

إنها لحظات تذهب بمن نحب إلى مدافن النسيان تحت الأرض حتى لا يكون لهم امل في الخروج.

كان الاب (جاك ) وابنه (جون )وامه ( إيلين ) ( وهايدي ) ( وكاثي ) وسكان الريف في صمت مهيب بعد وداعه ودفنه.
بقي الكلب الصغير بجوار قبره بعد أن ذهب الجميع هناك تعابير وفاء تسطرها الحيوانات الأليفة في حياتنا .

إلى ،،،،، يرقة أخرى في ريف الأعمى الذي يحلم أن يرى السماء

ابتسم أيها الانيق
هكذا نعيش في الحياه